اضرار المبيدات الحشرية
المبيدات
بدأ الإنسان بتصنيع وتطوير طرق مكافحة الآفات الحشرية التي تنافسه على الغذاء
في القرن الماضي بشكل واسع حيث ظهرت في البداية مجموعة المركبات اللاعضوية
مثل مركبات( الزرنيخ والمركبات ذات الأصل النباتي) مثل ( الروتينون – النيكوتين- البارثرين) وفي أوائل القرن الحالي استخدمت الغازات السامة
مثل (سيانيد الهيدروجين) لتدخين الأشجار وبنفس الوقت ظهرت(الزيوت المعدنية
القطرانية منها والبترولية).
ثم استخدمت في العشرينات من القرن الماضي مركبات الفينولات وبعد الحرب
العالمية الثانية ظهرت المركبات الجديدة الصناعية مثل المركبات( الكلورية العضوية أو الفوسفورية العضوية) وبدا للمهتمين في مكافحة الآفات أن هذه المبيدات قد حققت
نصرا كبيرا و أعطت الحلول الشافية لعملية القضاء على الآفات والحشرات .
إلا أن الاستخدام المتكرر والمبالغ وغير الصحيح لهذه المبيدات كشف عن عدة
مشاكل لم تكن بالحسبان وذلك لأن المبيد المستخدم في هذه المرحلة كان ذو
طيف واسع وسمية شديدة بالنسبة إلى عدد كبير من الأنواع الحشرية مما أدى
إلى قتل الطفيليات والمفترسات(الأعداء الحيوية) وإضعاف دورها في عملية
المكافحة الطبيعية وإحداث خلل خطير في التوازن البيئي ، إضافة إلى إلحاق الضر
ر الصحي الكبير للكائنات الغير مستهدفة كالحيوانات الأليفة والطيور والنحل و
الإنسان.
كما أدى الاستخدام غير الصحيح لهذه المبيدات إلى ظهور صفة المقاومة للمبيدات
من قبل الآفات الحشرية كما أدت إلى سيادة آفات جديدة لم تكن موجودة سابقا.
المبيدات الحشرية
تعرف المبيدات الحشرية بأنها المواد الكيميائية التي تقتل أو تمنع أو تحدد من تكاثر
وانتشار الكائنات الحية التي تنافس الإنسان في غذائه وممتلكاته وصحته.
الأضرار المباشرة والغير مباشرة للمبيدات الحشرية:
في الحقيقة لايمكن حصر الأضرار الجسيمة والمخيفة التي تسببها المبيدات الحشرية
للإنسان والبيئة ولكافة أشكال الحياة, كون هذه الأضرار متباينة في زمن ظهورها
ومختلفة في شدة ضررها بين مختلف الكائنات الحية والحديث عن ذلك يتطلب عشرات
بل مئات الصفحات ويتطلب تضافر جميع الجهود إلى حظر بيع واستخدام المبيدات
المعروفة باحتمال خطورتها على الصحة والبيئة, فقد ناضلت منظمتي ”تحالف الصحة البيئية” و”الحركة من أجل حقوق واحترام الأجيال المقبلة” في معظم الدول الأوروبية
في سبيل نشر الوعي عند المواطنين وأطلقت المنظمتان حملة تحت شعار ”مبيدات وسرطانات” من أجل التحذير من علاقة المبيدات الحشرية بالإصابة بالسرطان.كما
تركّز هذه الحملات أساساً على دعوة الحكومات وكافة الفعاليات إلى الاهتمام بالموضوع
ومنع استخدام مبيدات يتم تسويقها بصفة عادية ومن دون قيود صارمة .
أضرار المبيدات الحشرية:
1- أضرار المبيدات على صحة الإنسان:
تتمثل هذه الأضرار إما بشكل مباشر وذلك بوصول المبيد الحشري أو أجزاء منه عن
طريق اللمس أو الاستنشاق أو عن طريق الفم أو العين وذلك في الأماكن القريبة من
أماكن إستخدام المبيد. أو بطرق غير مباشرة عن طريق إستهلاك ( المواد الغذائية
والماء والهواء ) الملوثة بآثار المبيدات وفيما يلي نوجز بعض منها:
– الاستنشاق :
يدخل إلى جسم الإنسان جزيئات المبيد الحشري على شكل غازات يحملها الهواء
وذلك عن طريق التنفس ويختلف تأثير تلك الغازات الضارة بحسب تركيبها الكيميائي
فنلاحظ بأن الغازات التي تذوب في الماء فإنها تذوب أيضا في السائل المخاطي المبطن
للجزء العلوي في الجهاز التنفسي مما يؤدى إلى الإصابة بالتهابات حادة .والغازات التي
لا تذوب في الماء تسبب التهابات في الرئة ثم إرتشاح ثم التليف في المرحلة النهائية, أما
الغازات التي تذوب في الدهون فإنها تمر من خلال الرئة و تصل إلى الأعضاء التي توجد
بها من خلال مجرى الدم مسببة العديد من الأمراض الحادة للكلية والكبد .و إن ما يصل
عن طريق بلع أبخرة وغازات المبيد إلى الجهاز الهضمي في البلغم فإنه يسبب مرض
الدرن.
– عن طريق الجلد والجهاز الهضمي .
تخترق المبيدات السامة الجلد عند ملامستها له أو تدخل إلى الجهاز الهضمي عن
طريق الخضار والفواكه الملوثة التي تحمل الآثار المتبقية من هذه السموم ومن ثم
تصل إلى الدم و إلى كافة أعضاء الجسم و تستقر فيها وتسبب له العديد من الأمراض
الخطيرة ومنها ( أمراض الكبد والفشل الكلوي والسرطانات) كما تشير نتائج البحوث
العلمية إلى أن الأثر المتبقي لتلك المبيدات يؤدى إلى ضعف الحالة الجنسية، ويسبب في
النهاية العقم، وبالنسبة إلى المرأة الحامل فإن هذه السموم تنتقل من الدم إلى مشيمة الأم
ومن ثم إلى جنينها وتسبب تشوهات خطيرة للجنين. وتشير الإحصائيات على مستوى
العالم أنه في عام 1992م تسببت المبيدات في حالات التسمم لما يقرب من 25 مليون
شخص في الدول النامية، يموت منهم ما يقرب 20 ألف شخص سنوياً.
2- أضرار المبيدات على المياه ( الآبار, الأنهار, البحار )
تصل المبيدات الحشرية إلى المياه من خلال عدة طرق ووسائل عديدة منها مكافحة
ورش الحشرات المائية الضارة التي تعيش بالماء بالإضافة إلى وصولها عن طريق
ذوبان متبقيات المبيدات المتواجدة في التربة الزراعية بواسطة مياه الأمطار و الري
إلى جانب صرف مخلفات مصانع المبيدات في المصارف والأودية والأنهار، بالإضافة
إلى أن الهواء والمطر المحمل برزاز المبيدات يعتبران من المصادر المهمة في تلويث ا
لماء, وإن أغلب المبيدات الحشرية لا تتحلل بسهولة وتبقى لفترة زمنية طويلة في الماء
فتقضي على العديد من الكائنات الحية المفيدة وتتراكم في أجسام الأسماك والحيوانات
النهرية و البحرية ، وخاصة في موادها الدهنية ويزداد على مر السنين تركيز هذه المواد
في أجسامها ومن ثم تصل إلى الإنسان عن طريق استهلاكه لها ملحقة به العديد من الأضرار الصحية.
3-أضرار المبيدات على التربة والبيئة:
تعتبر المبيدات الحشرية من أخطر ملوثات البيئة و التربة ، ويؤدى الإستخدام
المتكرر لهذه المبيدات في النهاية إلى تدمير خصوبتها و تلوثها وتسممها الحاد
بالمبيدات،و على قتل العديد من الكائنات الحية النافعة بها وتدمير التنوع الحيوي
الذي يشمل كافة أشكال الكائنات الحية ، وإن أغلب المبيدات وخاصة مجموعة
الكربيات تتحول في التربة إلى مركبات ( النيتروزأمين) التي تعد من المواد المسرطنة
والتي تمتص من قبل النباتات وعند تغذية الحيوان أو الإنسان على تلك النباتات
فإن النتيجة هي انتقالها لهما.